الحركية المجالية للسكان مثال هجرات العمل
الهجرة الداخليّة:
رحلة البحث عن العمل
موجات الهجرة الداخليّة
الرئيسيّة
تعتبر الهجرة والتحرّكات
السكانيّة من أهم مؤشرات التنمية البشريّة التي تعكس مدى قدرة منطقة ما على شد سكانها
و نجاحها اقتصاديّا واجتماعيّا. وتبيّن الدراسة الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء سنة
2014، إن المناطق الداخلية تعتبر مناطق منفرة، إذ سجّلت الأقاليم الثلاث الغربيّة حصيلة
هجرية سلبية تراوحت بين 34.8 ألف ساكن في الشمال الغربي و39.5 ألف في الوسط الغربي
و5800 بالنسبة للجنوب الغربي. بينما لم تكن هذه المناطق الداخلية وجهة قرابة 54 ألف
مهاجرا من الأقاليم الشرقيّة الساحليّة.
أمّا المناطق الجاذبة
لموجات الهجرة الداخليّة فكانت لإقليم تونس الكبرى الذّي حقّق في الفترة الفاصلة بين
2009 و2014 صافي هجرة ناهز 46 ألف مواطن، إضافة إلى الوسط والجنوب الشرقي الذين استقطبا
119.6 ألف من إجمالي عدد الوافدين على الأقاليم الساحليّة والبالغ عددهم 360.8 ألف.
الأسباب الكامنة
وراء الهجرة الداخليّة تراوحت بين البحث عن العمل أو الدراسة أو الزواج ومصاحبة العائلة.
وقد أوضح التقرير المذكور أنّ السبب الأهمّ الذّي يدفع سكّان الأقاليم المنفّرة للانتقال
نحو الأقاليم الشرقيّة هو البحث عن العمل، والذّي تصدّر قائمة الدوافع للهجرة بنسبة
20.7%.
الهروب من المعاناة
تعكس الأرقام والاحصائيّات
الخاصّة بالأوضاع الاقتصاديّة للأقاليم المنفّرة الدافع الأساسيّ للهجرة الداخليّة.
حيث تبرز فوراق كبيرة بين الجهات من خلال مؤشّرات البطالة والفقر والحصّة الجهويّة
من سوق التشغيل إضافة إلى توزيع المؤسّسات الاقتصاديّة والاستثمارات العمومية والخاصّة
بين الولايات. حيث يتسّع الفارق في معدّل الفقر بين إقليم الشمال الشرقي الأكثر جذبا
للوافدين وإقليم الوسط الغربي ليناهز 22% سنة 2012. كما يبلغ الفارق في معدّل البطالة
بين إقليم الجنوب الغربي وإقليم الشمال الشرقي ما يفوق 15%.
هذا ويحتكر إقليم
الشمال الشرقي وتونس الكبرى قرابة 25% من مواطن الشغل، في حين لم تتعدي هذه النسبة
الثلث في الأقاليم الغربيّة. كما يظلّ عدد المؤسّسات الاقتصاديّة لكل ألف ساكن في الأقاليم
الغربيّة الثلاث مجتمعة دون معدّل الكثافة في الإقليم الشمالي الشرقي للبلاد والذّي
بلغ سنة 2012 حسب التقرير الصادر عن وزارة التكوين المهني والتشغيل 89 مؤسّسة.
وتعتبر الأقاليم
الغربيّة مناطق منفّرة لرؤوس الأموال الخاصّة، ومهمّشة من قبل الدولة التي حرمتها من
الاستثمار العموميّ. حيث لم تتجاوز حصّة الشمال الغربي من الاستثمارات العمومية والخاصّة
سنة 2012 نسبة 4%، حسب الدراسة المذكورة. بينما بلغت هذه النسبة في السنة ذاتها
48% في الشمال الشرقي للبلاد.
الهجرة في العالم
مُنذ الأزمنة الأولى والبشرية في حالة تحرك وتنقل. فبعض الناس ينتقلون بحثًا
عن العمل أو لأسباب اقتصادية، ومنهم من يهاجر للانضمام إلى أفراد عائلته أو سعيا لتحصيل
أكاديمي. بينما يتنقل آخرون هربا من الصراع أو الاضطهاد أو الإرهاب أو انتهاكات حقوق
الإنسان، وبعضهم يهاجر بسبب آثار تغيّر المناخ والعوامل الطبيعية والبيئية الأخرى.
تفوق أعداد من يعيشون ببلدان غير التي ولدوا فيها اليوم أي احصائيات مضت. ففي
عام 2017، بلغ عدد المهاجرين 258 مليون شخص، مقارنة بنحو 173 مليون في عام 2000. ويعتقد
إن نسبة المهاجرين من سكان العالم أعلى بقليل من تلك المسجلة على مدى العقود الماضية،
أي ما يزيد عن 3.4٪ في عام 2017،
مقارنة مع 2.8٪ في عام 2000 و2.3٪ في عام 1980. ويهاجر العديد الى بلادٍ خارج نطاق
الاختيار، وأغلبهم يهاجر بسبب الضرورة. وهناك ما يقرب من 68 مليون مشرد قسري، بما في
ذلك أكثر من 25 مليون لاجئ و3 ملايين طالب لجوء وأكثر من 40 مليون مشرد داخليًا
من هو المهاجر؟
رغم أنه لا يوجد تعريف متفق عليه قانونًا، تعرف الأمم المتحدة المهاجر على أنه
”شخص أقام في دولة أجنبية لأكثر من سنة بغض النظر عن الأسباب سواء كانت طوعية أو كرهية،
وبغض النظر عن الوسيلة المستخدمة للهجرة سواء كانت نظامية أو غير نظامية“. إلا أن الاستخدام
الشائع للفظة يتضمن أنواعًا محددة من المهاجرين قصيري الأجل مثل عمال المزارع الموسميين
الذين يسافرون لفترات قصيرة للعمل بزراعة منتجات المزارع وحصادها. ووفقًا لاتفاقية
1951 بشأن اللاجئين، يُعَرَّف اللاجئ على أنه كل شخص ”يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف
مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية
فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك التخوف يفتقر إلى القدرة على
أن يستظل بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك.
بطالة الشباب في العالم إلى ارتفاعٍ مجدداً، ولا تزال الأعلى في البلدان العربية
تُظهر دراسات منظمة العمل الدولية المستمرة أنه بعد سنواتٍ عدة من التحسن، يُتوقع
أن ترتفع معدلات بطالة الشباب عام 2020 وأن تغدو نسبة الشباب في صفوف العمال الفقراء هي
الأكبر. وعلى الرغم من عدم توقع ارتفاع بطالة الشباب في العالم العربي هذه السنة، فإن
معدلها سيبقى الأعلى في العالم، مع بقاء فجوات كبيرة بين الجنسين ومعدلات عالية من
العمال الفقراء.
تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن نسبة بطالة الشباب في العالم ستصل
إلى 13.1 في المائة عام 2016 وستبقى عند هذا المستوى في عام 2017 (بعد أن كانت
12.9 في المائة عام 2015).
ويبين تقرير منظمة العمل الدولية "الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم
2016: اتجاهات الشباب" بأنه نتيجةً لذلك يُتوقع أن يرتفع عدد الشباب العاطل عن
العمل في العالم بمقدار نصف مليون شابٍ هذا العام ليبلغ 71 مليون عاطلٍ عن العمل، وهو
أول ارتفاع يُسجل منذ 3 سنوات.
وثمة مصدر قلقٍ أكبر هو نسبة وعدد الشباب (غالباً في الدول الناشئة والنامية)
الذين يعيشون في فقرٍ مدقع أو معتدل رغم أنهم يعملون. والواقع أن 156 مليون شابٍ أي
ما يعادل 37.7 في المائة من العمال الشباب يعيشون في فقرٍ مدقع أو معتدل (مقارنةً مع
26 في المائة من العمال البالغين).
فرصٌ غير متكافئة
ثمة فروقٌ كبيرة بين الشبان والشابات في معظم مؤشرات سوق العمل، ما يزيد ويخلق
فجواتٍ أكبر أثناء الانتقال إلى سن الرشد. فعلى سبيل المثال، يبلغ معدل مشاركة الشبان
في القوى العاملة 53.9 في المائة في عام 2016 مقارنةً بـ 37.3 في المائة للشابات، ما
يمثل فجوةً قدرها 16.6 نقطة مئوية.
والوضع خطيرٌ لاسيما في جنوب آسيا والدول العربية وشمال أفريقيا حيث تتدنى معدلات
مشاركة الشابات بمقدار 32.9 و 32.3 و 30.2 نقطة مئوية على التوالي عن معدلات مشاركة
الشبان في عام 2016.
تعود زيادة البطالة إلى تباطؤ النمو في الاقتصادات الناشئة
تشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي العالمي عام 2016 بلغ 3.2 في المائة،
أي أدنى بمقدار 0.4 نقطة مئوية عما كان متوقعاً أواخر 2015.
وقال ستيفن توبين كبير الخبراء الاقتصاديين في منظمة العمل الدولية والمؤلف
الرئيسي للتقرير: "إن السبب الرئيسي لذلك هو حدوث ركودٍ أكبر مما كان متوقعاً
في بعض الاقتصادات الرئيسية الناشئة المصدِّرة للسلع فضلاً عن جمود النمو في بعض الدول
المتقدمة. وارتفاع معدلات بطالة الشباب كبيرٌ على نحوٍ خاص في الاقتصادات الناشئة".
ويُتوقع ارتفاع معدلات البطالة في الاقتصادات الناشئة من 13.3 في المائة عام
2015 (أي ما يعادل 52.9 مليون عاطلٍ عن العمل) إلى 13.7 في المائة عام 2017 (53.5 مليون).
كما يُتوقع بين عامي 2015 و2017 ارتفاع معدل البطالة من 15.7 إلى 17.1 في المائة في
أمريكا اللاتينية والكاريبي، ومن 16.6 إلى 17.5 في المائة في وسط وغرب آسيا، ومن
12.4 إلى 13.6 في المائة في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ.
بطالة الشباب في البلدان العربية
ستبقى معدلات بطالة الشباب في البلدان العربية في الخليج والشرق الأوسط (باستثناء
شمال أفريقيا) هي الأعلى في العالم وتصل إلى 30.6 بالمائة في عام 2016 (رغم توقع تحسنها
بشكل طفيف إلى 29.7 في المائة في عام 2017). ويُتوقع أن تشهد الدول المصدرة للنفط ارتفاعًا
في معدل بطالة الشباب في عام 2016، لسبب رئيسي هو تباطؤ النمو وتشدّد السياسات المالية.
وستواصل التوترات الجيوسياسية تأثيرها الكبير على آفاق بطالة الشباب في بلدان أخرى
من المنطقة.
العمال الفقراء
لا يزال الشباب يشكلون أكبر مجموعةٍ رديئة الوظائف، وإن كان هنالك فوارق كبيرة
بين المناطق. فعلى سبيل المثال، تواصل البلدان الأفريقية جنوب الصحراء تسجيل أعلى معدلات
العمال الشباب الفقراء في العالم، إذ تبلغ زهاء 70 في المائة. كما ترتفع هذه النسبة
في الدول العربية (39 في المائة) وجنوب آسيا (49 في المائة).
وثمة أدلةٌ متزايدة في الاقتصادات المتقدمة على حدوث انزياحٍ في توزع الفقراء
بحسب العمر، إذ يحتل الشباب الآن مكان كبار السن بوصفهم أكبر مجموعةٍ معرضة للفقر
(والذي تُعرِّفه الاقتصادات المتقدمة بأنه جني أدنى من 60 في المائة من الدخل الوسطي).
ففي عام 2014 مثلاً، كانت نسبة العمال الشباب المعرضين بشكلٍ كبير للفقر في دول الاتحاد
الأوروبي الـ 28 (12.9) في المائة مقارنةً مع 9.6 في المائة من العمال البالغين
(25-54 عاماً). والوضع خطيرٌ بشكلٍ خاص في بعض الدول حيث تتجاوز نسبة العمال الشباب
المعرضين لخطر الفقر 20 في المائة.
الهجرة عن طيب خاطر
من بين العوامل الكثيرة الباعثة على الهجرة (كالصراع المسلح، والكوارث الطبيعية،
الخ)، يُعتبر ارتفاع معدل البطالة وزيادة خطر التعرض للفقر رغم العمل ونقص فرص العمل
الجيدة عوامل رئيسية تدفع الشباب نحو الهجرة الدائمة خارج البلاد.
وعالمياً، بلغت نسبة الشباب بعمر 15-29 عاماً المستعدين للهجرة بصفةٍ دائمة
إلى دولةٍ أخرى 20 في المائة عام 2015. وأكبر نسبة هي 38 في المائة في منطقتي البلدان
الأفريقية جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية والكاريبي، تلتهما مباشرةً أوروبا الشرقية
بنسبة 37 في المائة. ولا تزال نسبة الشباب الراغبين بالهجرة مرتفعة وتبلغ 35 بالمائة
في شمال أفريقيا، وكذلك في الدول العربية التي ارتفعت فيها هذه النسبة من 21 بالمائة
عام 2009 إلى 28 بالمائة عام 2015.
التلخيص اطول من الدرس
RépondreSupprimer