شباب الكامور يصحّح المسار و يوصّل السّارق لباب الدّار
أثار وضع شباب الكامور هذه الأيام الكثير من الجدل و تضاربت فيه الآراء
كلّ يغنّي بما يطربه و استغلّ بعض أعداء الحراك ما طرأ من تضارب في المواقف بين الشّباب
للنّيل من القضيّة و تشويهها و لكنّ تدارك أبناء الكامور لموقفهم و الإلتفاف من جديد
حول قضيّتهم أسقط في أيدي الكثيرين.
إنّه لمن الطّبيعيّ أن يحدث ما حدث ممّا يعتقده البعض تناقضا أو تفرّقا
فحجم الموضوع كبير و شبابنا ذو الخبرة النّاشئة يحاور الوزراء و أصحاب النّفوذ و السّلطان
ممّن تمرّسوا و " حنكلتهم التّجارب " على حدّ تعبير أحد المتفيهقين البسطاء.
و لكنّ شبابنا يحاور أيضا بصفة غير مباشرة أباطرة النّفط في بلادنا. هؤلاء الشّباب
لم يجتمعوا من قبل على أمر جلل بحجم " الكامور" خاصّة و أنّهم خيّروا أن
يخوضوا التّجربة دون أحزاب أو منظّمات أو جمعيات متجنّبين كلّ أدلجة أو تجاذب مخيّرين
طريق الفطرة بما يطرأ فيها من مطبّات.
اليوم و قد أغلقت مضخّة النّفط و سكنت حركة الذّهب الأسود فيها فقد بلغ
النّجاح مداه.
اليوم نجح شبابنا في امتحانهم الأعسر و هو الإمتحان النّهائي المتوّج
لما سبقه.
كانت مؤشّرات النّجاح ظاهرة منذ الخطوة الأولى يوم خرجت تطاوين في هبّة
واحدة فاضت بها السّاحات و الشّوارع، يومها كان الإمتحان الأوّل و كان النّجاح الأوّل
رغم ما شابه من قلق حين أغلقت المنافذ و خنقت المدينة و ضاق أهلها بها و ارتفع منسوب
الغيظ عند الأهالي و لكنّهم صبروا و رابطوا و ضحّوا و أضربوا و صاحوا حتّى سمع صوتهم
في العاصمة و جاء الوزير و الحكومة و بأيديهم سطول الماء ليطفئوا الحريق على عادتهم
و لكنّ اللهيب كان أحمى من أن تطفئه سطولهم الصّدئة و كان لا بدّ من المرور للإختبار
الثّاني فكان الموعد ثانية مع الأهالي في هبّة ثانية يودّعون الأبناء بالهتافات و الزّغاريد
و كان يوم الكامور وهو يوم كتب فيه شبابنا بالحروف الكبيرة عنوان حراكهم و طار الإسم
و تلقفته الصّحافة من كلّ مكان و أسال الكامور مدادا كمداد البترول المنساب من أعماق
أرضنا المعطاء كما فتح شهيّة المحلّلين بين مادح و قادح و طعّمت وسائل الإعلام قواميسها
بمعجم جديد فكان " الكامور " و كان " الرّخ لا " و " مانيش
م اللي يذلّوا " و اضطرّ البعض من ساستنا على تهجّيها، في ذلك الإختبار الثّاني
رفعت راية النّضال عالية في سماء صحرائنا و شبابنا من تحتها يمسكونها بسواعد قدّت من
حديد غير عابئين بلدغ العقارب و نهش الأفاعي. إنها ملحمة الكامور.
لم يكن أحد ينتظر بعد الكامور نجاحا و لم يكن يخطر على بال الكثيرين أنّ
أفكار شبابنا تعدّ ليوم جديد و لنصر جديد حتّى جاء يوم " الفانة " و جاء
الفصل الثّالث من الملحمة و بلغ الأمر ذروته حين دوّى الرّصاص في الهواء، وقتها كان
لتطاوين موعد جديد مع النّصر، تفاجأ الجميع بالطّرقات تغلق من جديد و شوهدت جحافل المناصرة
تحملها الشّاحنات صوب موقع الحدث، ما أشبه اليوم بالبارحة: التحام جديد و إصرار على
النّصر جديد و شحذ للعزائم جديد و هبّة أخرى لرأب ما تصدّع من شقوق المسيرة.
كان يوم " الفانة " يوما انتصر فيه الشّعب و تحدّى التّهديد
و الخوف و كان يوما انتصر فيه جيشنا الباسل و أعطى للأغبياء درسا جديدا و كتب على صفحة
تاريخه شاهدا آخر على أنّه لن يحيد عن رسالته و لن يتخلّى عن عقيدته في نصرة الشّعب
الذي هو جزء منه و ضامن لخلاصه و مدافع عن حرّيّته بدمه و أنّه مستعدّ للتّضحية بدمه،
و ما أكثر ما فعل، و ليس مستعدا لإراقة قطرة واحدة من دم شعبه الذي اختار أن ينحاز
إليه.
تحيّة النّخوة و الإعتزاز لجيشنا الباسل و تحيّة المحبّة و الدّعم لإبناء
تطاوين الأشاوس ... فأين أنت أيتها الدّولة؟ و أين هيبتك؟ و أين مشاريعك ؟ ها قد أعطاك
شباب تطاوين درسا في سلميّة النّضال و ها قد أعطاك الجيش درسا في التّعاطي مع السّلم
بالسّلم ... فهل من مجيب؟
هذه فرصة فتح ملفّ ظلّ الغموض يلفّه زمنا فهلاّ فتحتموه فأرحتم و استرحتم
؟
تدوينة للاستاذ : الضاوي موسى
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire