حياة آينشتين 2
قال
عنه زميله في برلين العالم الفيزيائي لندتبورغ (كان يوجد في برلين نوعان من
الفيزيائيين: النوع الأول آينشتين، والنوع الآخر سائر الفيزيائيين(
مع
اندلاع الحرب العالمية ظل آينشتين يتابع أعماله العلمية في برلين وركز نشاطه على
التوسع في نظرية الجاذبية التي نشرها في العام 1916 وهو في الثامنة والثلاثين من
عمره. حاول الكثير من الأحزاب السياسية زجه في نشاطاتهم ولكنه كان دائما يقول إنني
لم اخلق للسياسة وفضل الانعزال والوحدة قائلاً (إن الفرد المنعزل هو وحده الذي
يستطيع أن يفكر وبالتالي أن يخلق قيما جديدة تتكامل بها الجماعة) هذا أدى إلى دفع
معارضيه للنيل منه. أحيكت له المؤامرات والدسائس مما زاع صيته في مختلف أنحاء
العالم ووجهت له الدعوات من العديد من الجامعات للتعرف عليه وسافر إلى ليدن
بهولندا وعين أستاذا في جامعتها. وأسف الكثيرون في ألمانيا رحيله لأن شهرته
العظيمة في الخارج من شأنها أن تعيد إلى ألمانيا هيبتها التي فقدتها في الحرب.
وتلقى كتب ودعوات من وزير التربية ليعود إلى بلده فعاد وحصل على الجنسية الألمانية
لأنه في ذلك الوقت كان لا يزال
محتفظاً بجنسيته السويسرية.
كثرت
الدعوات التي تلقاها اينشتين بسبب شهرة نظريته النسبية وكان يقابل في كل مرة يلقي
فيها محاضرة باحتفال هائل يحضره عامة الناس ليتعرفوا على هذا الرجل بالرغم من عدم
المامهم بفحوى النظرية النسبية ولكن اهتمام الناس به لم يسبق لعالم ان حظي به من
قبل فكان يستقبل استقبال المعجبين لفنان مشهور. لقد كان تقرير صادر عن البعثة
الفلكية الانجليزية عام 1919 الذي تؤيد فيه صحة نبوءة آينشتين عن انحراف الضوء عند
مروره بالجو الجاذبي من أهم دواعي شهرته العالمية. ولكن لكونه ألماني الجنسية كان
صيته في انجلترا قليل وبدعوة من اللورد هالدين توجه آينشتين إلى انجلترا وقدمه
هالدين قائلا (إن ما صنعه نيوتن بالنسبة إلى القرن الثامن عشر يصنعه آينشتين
بالنسبة إلى القرن العشرين(
يروى
أنه تم الإعلان عن جائزة قدرها خمسة آلاف دولار لكاتب أحسن ملخص للنظرية النسبية
في حدود ثلاثة آلاف كلمة فتقدم ثلاثمائة شخص وحصل على الجائزة رجل من محبي
الفيزياء ايرلاندي الجنسية عمره 61 عاماً في 1921.
ظل
آينشتين يسافر بين بلدان العالم من فرنسا إلى اسبانيا إلى فلسطين وإلى الصين
واليابان وحصل على جائزة نوبل في 1923 وسلمه إياها ملك السويد وبعدها استقر في
برلين وكان الزوار من مختلف أنحاء العالم يأتون له ويستمتعون بحديثه ولقاءه حتى
عام 1929 والتي فيها بلغ من العمر الخمسين عاماً قرر الاختفاء عن الأنظار ولم يكن
احد يعلم أين يقيم.
كان
آينشتين محبا للسلم ويكره الحرب وفي نداء تلفزيوني إلى تورمان رئيس الولايات
المتحدة الأسبق قال(لقد كان من المفروض أول الامر أن يكون سباق التسلح من قبيل
التدابير الدفاعية. ولكنه اصبح اليوم ذا طابع جنوني. لأنه لو سارت الأمور على هذا
المنوال فسيأتي يوم يزول فيه كل أثر للحياة على وجه البسيطة(
في
18 ابريل من العام 1955 وفي مدينة برنستون مات ذلك العبقري وأخذ الناس يتحدثون عن
آينشتين من جديد وتنافست الجامعات للاستئثار بدماغ ذلك الرجل عساها تقف من فحصه
على أسرار عبقريته.. كان آينشتين يعيش بخياله في عالم أخر له فيه الشطحات والسبحات
وكانت الموسيقى سبيله الوحيد للتنفيس عن ثورته العارمة وكان الكون بالنسبة له
مسرحا ينتزع منه الحكمة فغاص في أبعاده السحيقة وبهذا نكون قد لخصنا قصة حياة أسطورة
القرن العشرين لندخل في تفاصيل النظرية النسبية الخاصة ونتائجها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire