أعلان الهيدر

الرئيسية آينشتين :الأبعاد الأربعة المكانية والزمانية

آينشتين :الأبعاد الأربعة المكانية والزمانية


آينشتين :الأبعاد الأربعة المكانية والزمانية

آينشتين :الأبعاد الأربعة المكانية والزمانية
نحتاج قبل الدخول إلى مفاهيم النظرية النسبية تعريف مفهوم الأبعاد المكانية والزمنية حيث أن كثيرا ما تعرف النظرية النسبية على إنها نظرية البعد الرابع. فما هي هذا الأبعاد الأربعة وكيف نستخدمها ولماذا اينشتين العالم الأول الذي أكد على ضرورة استخدام البعد الرابع (الزمن) بالإضافة إلى الأبعاد الثلاثة التي اعتمد عليها جميع العلماء من قبله.
تطور مفهوم الأبعاد مع تطور الإنسان واقصد هنا تطوره في الحياة ففي الزمن الأول كان الإنسان يتعامل مع بعد واحد في حياته هذا جاء من احتياجه للبحث عن طعامه فكان يستخدم رمحه لاصطياد فريسته وبالتالي كان يقذف رمحه في اتجاه الفريسة حيث ينطلق الرمح في خط مستقيم وحركة الرمح هنا تكون في بعد واحد وسنرمز له بالرمز x. ومن ثم احتاج الإنسان ليزرع الأرض وبالتالي احتاج إلى التعامل مع مساحة من الأرض تحدد بالطول والعرض وهذا يعد استخدام بعدين هما x و y لأنه بدونهما لا يستطيع تقدير مساحة الأرض المزروعة. وعندما احتاج الإنسان للبناء أخذ يفكر ويحسب في البعد الثالث وهو الارتفاع. وهذه هي الأبعاد الثلاثة x,y,z والتي كانت الأساس في حسابات الإنسان الهندسية، وحتى مطلع القرن العشرين اعتبرها الإنسان كافية لحل كل المسائل التي تقابله على سطح الكرة الأرضية. وحتى يومنا هذا نعتمد على الأبعاد الثلاثة في تنقلاتنا وسفرنا وحساباتنا.
آينشتين هو العالم الوحيد الذي فكر في البعد الرابع (الزمن) وقال أن الكون الذي نعيشه ذو أربعة أبعاد وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن. وادخل البعد الرابع في جميع حساباته. يستطيع الإنسان تخيل البعد الواحد والبعدين ويمكن رسمهما ولكن البعد الثالث يحتاج منه إلى قدرات تخيلية إضافية ولكن من الصعب التفكير والتخيل بالأبعاد الأربعة معا وخصوصا أن البعد الرابع وهو الزمن لا يمكن رؤيته ولكننا نعيشه وندركه كمسلمة من مسلمات الوجود. فإذا اعتبرنا أن هندسة الكون تعتمد على أربعة أبعاد فإن حساباتها ستكون غاية في التعقيد ونتائجها غير متوقعة وهذا ما فعله آينشتين في نظريته النسبية.
تمهيد :
إن المقاييس من مساحات وأحجام وكتل وتحديد المكان والزمان والسرعة هي مقاييس معروفة في نظر الفيزياء الكلاسيكية (فيزياء جاليلو ونيوتن) فكلنا نقيس المسافات والزمن بنفس الطريقة والكيفية ولا يختلف في ذلك اثنان إذا كانت مقاييسهما معايرة بدقة وهذا يعني أننا سلمنا بأن هذه المقاييس مطلقة ولكن هذا يخالف النظرية النسبية التي تقوم على أنه لا وجود لشيء مطلق في كل هذه الأشياء أنما هي نسبية، فالدقيقة (60 ثانية) التي نقيسها بساعاتنا يمكن أن يقيسها آخر على أنها أقل من دقيقة أو أكثر وكذلك المتر العياري طوله متر بالنسبة للشخص الذي يحمله ولكن بالنسبة لآخر يتحرك بسرعة كبيرة بالنسبة لذلك الشخص يجد المتر 80 سنتمتر وكلما زادت سرعته كلما قل طول المتر ليصبح طول المتر صفر إذا تحرك الشخص بسرعة الضوء (سنجد انه من الاستحالة الوصول لسرعة الضوء) وهذا لا يعود لخطأ في القياسات بين الشخصين أو خلل في آلات الرصد التي يستخدمونها فكل منهما يكون صحيحا ولكن بالنسبة له ولهذا سميت بالنظرية النسبية والكثير من الأمور المسلم بها في حياتنا والتي نعتبرها مطلقة تصبح نسبية في عالم النسبية.
بمفهوم اينشتين والتعامل مع الزمن على أنه بعد من الأبعاد يصبح كل شيء نسبياً فمثلاً نعرف أن الكتلة هي كمية المادة الموجودة في حجم معين مثل كتلة الماء في حجم سنتيمتر مكعب هي واحد جرام وكتلة الماء هذه ثابتة ولكن وزنها هو الذي يتغير تغيرا طفيفا نتيجة لتأثير الجاذبية عليها فيقل الوزن قليلا في المرتفعات ويزيد في المنخفضات نتيجة لتغير تأثير الجاذبية حسب بعدنا او قربنا من مركز الأرض وهذا التغير يكون في حدود جرام واحد فقط، ولكن آينشتين يبين أن الكتلة تتخلى عن تأثير الجاذبية وتتغير في حدود أكبر بكثير قد تصل إلى الآلاف ولا علاقة لتغير الكتلة بالجاذبية. إن ثبوت المقاييس والابعاد عند آينشتين في الكون لا وجود له حسب نظريته النسبية.
لتفصيل الموضوع أكثر سوف نقوم بشرح أوسع لمفهوم المكان في النسبية ومن ثم شرح مفهوم الزمن في النسبية.
المكان في النسبية :
إذا سألت نفسك عزيزي القارئ في هذه اللحظة هل أنت ثابت أم متحرك، فستنظر حولك بكل تأكيد وتقول أنا لست متحرك فأنا ثابت أمام جهاز الكمبيوتر وعلى الأرض وهذا صحيح فأنت ثابت بالنسبة للكمبيوتر والأرض (أي الكرة الأرضية) ولكن هذا ليس صحيح بالنسبة للكون فأنت والكمبيوتر والأرض التي تقف عليها تتحركوا وهذه الحركة عبارة عن مجموعة من الحركات منها حركة الأرض حول نفسها وحركة الأرض حول الشمس وهناك حركة للشمس والأرض داخل مجرة درب التبانة ومجرة درب التبانة تتحرك بالنسبة إلى الكون.. إذا عندما اعتقدت انك ثابت فهذا بالنسبة للأشياء حولك ولكن بالنسبة للكون فكل شيء متحرك. وخذ على سبيل المثال هذه الأرقام .
سرعة دوران الأرض حول نفسها ربع ميل في الثانية وسرعة دوران الارض حول الشمس 18 ميل في الثانية والشمس والكواكب تسير بالنسبة لجيرانها النجوم بسرعة 120 ميل في الثانية ومجرة درب التبانة منطلقة في الفضاء بسرعة تصل إلى 40000 ميل في الثانية. تخيل الان كم هي سرعتك وعدد الحركات التي تتحركها بالنسبة للكون. وقدر المسافة التي قطعتها منذ بدء قراءة هذه الحلقة حتى الآن.
لا احد يستطيع أن يحدد هل مجرة درب التبانة هي التي تبتعد عن المجرات الأخرى بسرعة 40000 ميل في الثانية أم أن المجرات هي التي تبتعد عنا بهذه السرعة. فعلى سبيل المثال إذا ارد شخص أن يصف لنا سفره من مطار غزة إلى مطار دبي الدولي فإنه يقول غادرت الطائرة مطار غزة في الساعة الثالثة ظهرا واتجهت شرقا لتهبط في مطار دبي الدولي الساعة السادسة مساءً.. ولكن لشخص أخر في مكان ما في الكون يرى ان الطائرة ارتفعت عن سطح الأرض في غزة وأخذت تتباطأ حتى وصلت مطار دبي لتهبط فيه. أو أن الطائرة ومطار دبي تحركا في اتجاهات مختلفة ليلتقيا في نقطة الهبوط.. وهنا يكون من المستحيل في الكون الواسع تحديد من الذي تحرك الطائرة أم المطار.
كذلك يجب أن نؤكد أن الاتجاهات الأربعة شمال وجنوب وشرق وغرب والكلمات فوق وتحت ويمين وشمال هي اصطلاحات لا وجود لها في الكون فلا يوجد تحت أو فوق ولا شمال أو جنوب.
إن التعامل بهذه المفاهيم الجديدة والنظرة الشاملة للكون بلاشك أمر محير ولاسيما إذا أدخلنا البعد الرابع في حساباتنا فكل شيء يصبح نسبي.
مما سبق تبين أن نسبية المكان تخالف كل ما هو مألوف لنا وقد يتسائل القارئ ما أهمية ذلك بالنسبة لنا ونحن نعيش على سطح الأرض وأمورنا كلها مضبوطة على نسق واحد؟ ولماذا هذا الخلط بين ما يحدث على الأرض والكون؟ وما فائدة النسبية لنا كل هذه الأسئلة سيأتي الإجابة عليها من خلال هذه الحلقات المتتابعة عن النظرية النسبية ولكن قبل ذلك يجب الخوض في نسبية الزمان وهذا سيوضح لنا أن مفهوم الماضي والحاضر والمستقبل هي من الأمور النسيبة أيضا.
الزمان في النسبية :
لم يكتف آينشتين بأن أثبت أن المكان نسبي ولكن عمم نسبية المكان على الزمان (البعد الرابع) حيث أنه قال طالما أننا نعيش في عالم ذو أربعة أبعاد ووجد أن الأبعاد المكانية الثلاثة التي تحدد بـ x,y,z هي نسبية لا بد وان يكون الزمان (البعد الرابع) نسبياً أيضا هذا هو أينشتين الذي يفكر ويضع النظريات ويحلل النتائج في عقله ويخرج للناس بمفاهيم جديدة لم يستطيع احد أن ينفيها ولا أن يبطلها ولا أن يصدقها ولكن كانت نسبية المكان والزمان منذ ذلك الوقت وحتي يومنا هذا تبرهن على صحتها من خلال تفسيرها للعديد من الظواهر الفيزيائية التي حيرت العلماء ولم يكن أمامهم إلا تطبيق نظرية اينشتين ليجدوها تفسر تلك الظواهر وسيأتي شرح تفصيلي لهذه الظواهر.
اعتبر العلماء ومن بينهم العالم نيوتن أن الزمن مطلق ويجري بالتساوي دون أية علاقة بأي مؤثر خارجي. ولكن اينشتين لم يتقيد بما سبقه من العلماء وفكر بالأمر من وجهة نظر مختلفة تشمل الكون الفسيح كيف ذلك؟؟
تعودنا نحن سكان الكرة الأرضية على تقدير الزمن من خلال اليوم وأجزائه (الساعة والدقيقة والثانية) ومضاعفاته (الأسبوع والشهر والسنة والقرن) ويومنا هو مقدار الزمن اللازم للأرض لتدور حول نفسها دورة كاملة والسنة هي مقدار الزمن اللازم للأرض لإكمال دورة كاملة حول الشمس وتساوي 365 يوم وربع اليوم. ولكن ماذا عن اليوم والسنة على كوكب عطارد أو كوكب بلوتو لا شك أن ذلك سيكون مختلف بالنسبة لمقاييسنا فالسنة على كوكب عطارد ثلاثة أشهر من الوقت الذي نقيسه على الأرض بينما السنة على كوكب بلوتو فهي اكبر من ذلك بكثير وتساوي 248 سنة من سنوات الأرض.. الأمر عند هذا الحد معقول ولكن ماذا عن المجرات الأخرى كيف تقدر اليوم والسنة عندها؟ وهل يمكن استخدام الأزمنة الأرضية كمقياس للزمن على أرجاء هذا الكون الفسيح؟ وتجدر الإشارة هنا إلى أن مصطلح فسيح لا يعبر عن مدى كبر حجم هذا الكون.
لنرى معا المقصود بكلمة فسيح :
مما سبق تبين أن هذا الكون يحتاج إلى طريقة جديدة لتقدير المسافات بين مجراته ونجومه لأن استخدام وحدة المتر أو الميل ستقودنا إلى أرقام كبيرة جدا لا يمكن تخيلها ولهذا فإن العلماء يستخدمون سرعة الضوء لقياس المسافة حيث أن سرعة الضوء 300 ألف كيلومتر في الثانية (الضوء يدور حول الأرض 7 مرات في الثانية أي عندما تقول كلمة واحدة يكون الضوء قد لف حول الأرض سبع مرات) وإذا حسبنا المسافة التي يقطعها الضوء في السنة نجد أنها مسافة كبيرة جدا (الأرقام الفلكية) فمثلا نعلم أن أشعة الشمس تصلنا خلال ثمانية دقائق وبهذا يكون بعد الشمس عنا ثماني دقائق ضوئية وهنا استخدمنا وحدة الزمن لقياس المسافة. مثال أخر على اقرب نجم إلى المجموعة الشمسية يسمى ألفا قنطورس يبعد عنا أربعة سنوات ضوئية والنجوم البعيدة في مجرتنا تبعد عنا ألاف السنوات الضوئية ويقدر قطر درب التبانة بـ 80 ألف سنة ضوئية (تخيل أن الضوء الذي يصدر عند احد أطرافها يصل إلى الطرف الآخر بعد ثمانين ألف سنة) كل هذا في مجرتنا وبعض التلسكوبات رصدت مجرات تبعد عشرة ألف مليون سنة ضوئية ذلك يعني أنه إذا وقع حدث ما في طرف الكون فإنه لا يصل إلى الطرف الآخر قبل مرور عشرة ألاف مليون سنة!!! وسنعلم أيضا أن الكون لا زال يتمدد وبسرعات هائلة... سبحان الله ولا نملك إلا أن نقول ذلك.
الأرقام والأبعاد الفلكية السابقة ضرورية لشرح الموضوع التالي والذي من خلاله سنوضح مفهوم نسبية الزمن لدى آينشتين.
افترض انك في غرفة مظلمة تماماً وتحرك جسم من مكان إلى مكان آخر في هذه الغرفة فإنك لا تعلم بذلك (على افتراض انك لا تعتمد على حاسة السمع) ولكن في وجود الضوء فإن انتقال الجسم أو حركته ترصدها من خلال انعكاس الضوء من على الجسم المتحرك إلى العين. الضوء هو الوسيلة الوحيدة التي نعلم من خلالها حدوث حدث ما في الكون وهو أسرع وسيلة لنقل المعلومات بين النجوم والمجرات فحدث ما على الشمس نعلم به على الأرض بعد ثمانية دقائق من وقوعه، وانفجار نجم ألفا قنطورس يصلنا خبره بعد أربعة سنوات لان الضوء القادم منه سيصل الأرض بعد أربعة سنوات وكذلك النجوم التي نراها في الليل قد لا تكون موجودة الآن ولكننا نرى الضوء الذي صدر عنها منذ سنوات أو ألاف السنوات حسب بعدها عنا أما التي تبعد عنا ألف مليون سنة ضوئية فإن ضوءها الذي يصلنا الآن يعطينا معلومات عنها قبل ظهور الحياة على الأرض!! هذا يقودنا إلى أن كلمة الآن لا وجود لها إلا على الأرض هذا كله يدركه الناس ولا غرابة فيه لأننا نعلم كم هذا الكون واسع وفسيح.. لم تقف النظرية النسبية عند هذا الحديث فقط بل تعدته إلى القول أن الزمن نفسه لا يجري في الكون بشكل متساوي بل يقصر ويطول حسب سرعتنا ومكاننا بالنسبة للحدث. وليس المقصود هنا ان ذلك مجرد شعورنا بان الزمن يمر ببطء أو أنه يمر بسرعة حسب مشاعرنا بالسعادة أو التعاسة عندما نقوم بعمل ما. فنسبية الزمن لا تعتمد على شعورنا ومزاجيتنا إنما المقصود في النظرية النسبية أن الساعة الزمنية التي تدل على فترة معينة من الزمن هي التي تطول أو تقصر حسب السرعة والمكان.
لتوضيح هذا الفكرة نفرض إن شخصين لديهما ساعات متماثلة تم ضبطهما بدقة، احد الشخصين قرر البقاء على الأرض والشخص الآخر سافر في مركبة فضائية تسير بسرعة كبيرة، فإذا وفرت للشخص الأرضي مرصدا يراقب من خلاله ساعة الشخص الفضائي فإنه كلما زادت سرعة الشخص الفضائي كلما تباطئت حركة عقارب ساعته بالنسبة للشخص الأرضي وإذا ما وصلت سرعة المركبة الفضائية إلى سرعة الضوء فإن الشخص الأرضي سوف يجد أن عقارب ساعة الشخص الفضائي توقفت عن الحركة أي أن الزمن توقف وأصبح صفراً (لا يمكن الوصول بسرعة جسم إلى سرعة الضوء وسنعرف ذلك قريباً) وهذا التباطؤ في ساعة الفضائي ليس بسبب خلل في الساعة إنما نتيجة لسرعته.
إن الأمر لا يقف عند هذا الحد في النظرية النسبية لأن ذلك انعكس على مفهومنا للماضي والحاضر والمستقبل فمثلا انفجار نجم ما قد يكون ماضي بالنسبة لشخص في هذا الكون ويكون حاضر لشخص آخر في مكان أخر وقد يكون مستقبلا بالنسبة لشخص ثالث في مكان ثالث. وهذا بسبب تباطؤ الزمن. حسب سرعة كل شخص بالنسبة للحدث ومكانه. ولها لا معني للماضي والحاضر والمستقبل إلا على الأرض لان الشريط الزمني المعروف لنا يتباطئ بدرجة معينة في مكان معين في الكون ويتباطئ بدرجة مختلفة في مكان آخر وهكذا.

كل ما ذكر في نسبية المكان ونسبية الزمان هو توضيح لمفاهيم وضعها آينشتين لتكون تمهيدا للدخول إلى النظرية النسبية وفهم مضمونها وعندها ستكون الصورة أوضح.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.