أعلان الهيدر

التكافل الاجتماعي


التكافل الاجتماعي

التكافل الاجتماعي
موارد نظام التكافل الاجتماعي في الإسلامي
جـاء الإسلام بمنظور شامل للكون والإنسان والحياة، ليجعل من هذه العناصر نظاماً متكاملا هدفه الأساسي تكريم الإنسان وتحقيق إنسانيته الكاملة ماديا وروحيا -وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ-.
ومن أجل ذلك دعا الإسلام إلى تسخير كل الإمكانيات وكل السبل للقضاء على الآثار المدمرة للمجتمع ألا وهي ثلاثية الجهل والجوع والمرض، فأقام مجتمعا قائما على قاعدة صلبة من القيم ينبثق عنها نظام اجتماعي يجعل من سعادة الإنسان وكرامته هدفه الأول.
هذه القاعدة الصلبه تقوم أساسا على عقيدة ثابتة لا تمليها مصلحة ظرفية ولا تسيرها منفعة خاصة بل جذورها ثابتة في الأرض وفروعها عالية ويانعة، تؤتي أكلها كل حين.
لقد دعا الإسلام إلى العدل والبر والحلم وعمل المعروف ومساعدة الفقراء وإغاثة الملهوف وعيادة المريض والتصدق على المحتاجين والمسح على رأس الأيتام وغيرها من الأخلاق والقيم التي تؤسس لنظام اجتماعي متوازن.
قال تعالى - لَيْسَ الْبِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأسِ، أولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ - آية 177- البقرة.
موارد التكافل الاجتماعي
1- الزكاة:
أوجب الإسلام الزكاة، كإحدى الحلول التي شرعها لمعالجة عدة أمراض وآفات اجتماعية ناجمة عن طغيان حب المال على العقول وعلى القلوب. قال تعالى: " خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا".
فالذي يخرج زكاة ماله كل عام عرف حق ربه عليه أولا فأطاع أمره وتقرب إليه، ثم عرف حق الفقير عليه فتغلب على حب نفسه وماله. ولا شك أن تكرار الفعل كل عام هو ترويض للنفس على فعل الخير وحب الفقراء والمساكين. فنظام الزكاة إذا ما طبق على الوجه الصحيح فإنه يوطد الأمن الاجتماعي ويمتن علاقات الأفراد ويزيل الفوارق بين طبقات المجتمع ويبعده عن كثير من المشاكل والأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تحل بها عند غياب التضامن والتراحم بين أفراده.
كما أنه ميكانيزم عادل وفعال في توزيع الثروات داخل المجتمع، قال سبحانه وتعالى: " كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاءِ مِنْكُمْ " أي حتى لا يتداوله الأغنياء منكم دون الفقراء.
والأموال إذا توزعت بين فئات المجتمع تساهم في إنعاش حركة الإنتاج والاستهلاك وتخلق ازدهارا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإنمائية.
إن هذه الزكاة لم تكن مجرد مئونة وقتية لسد حاجة عاجلة للفقير وتخفيف شيء من بؤسه، ثم تركه بعد ذلك لأنياب الفقر والفاقة بل كان هدفها القضاء على الفقر وإعفاء الفقراء إعفاء دائما يستأصل شأفة العوز من حياتهم، ويمكّنهم من أن ينهضوا وحدهم بعبء المعيشة وذلك لأنها فريضة دورية دائمة الموارد ومهمتها أن تيسّر للفقير قواما من العيش... لذلك تعتبر الزكاة من الموارد المستمرة والدائمة لدعم الرعاية الاجتماعية ونفقات نظام التكافل الاجتماعي في الإسلام.
2-الوقف :
ويعتبر من أهم موارد نظام التكافل والرعاية الاجتماعية في الإسلام، شرعه الرسول لغرس قيم التكامل والترابط والتعاضد داخل المجتمع بين جميع فئاته. ففي حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له "
ثم يأتي حديث عمر بن الخطاب رضي اله عنه الذي يعتبر أصل في مشروعية الوقف، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن أباه تصدق بمال على عهد رسول الله وكان يقال له فثمغف وهي قطعة أرض من خيبر تلقاء المدينة، وكان نخلا، فقال عمر: يا رسول الله إني استفدت مالا وهو عندي نفيس فأردت أن أتصدق به، فقال النبي > إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث <، فقال: فتصدق بها عمر رضي الله عنه على ألا تباع ولا توهب ولا تورث، في الفقراء والرقاب والضيف وابن السبيل ولذي القربى.
ويعتبر الوقف صدقة جارية يجري ثوابها ويتحدد لصاحبها كلما انتفع الفقير والمحتاج منها. لذلك فإن الوقف يمكّن من تمويل الكثير من أشكال الرعاية الاجتماعية التي توقف عليها الأوقاف والتي تدرّ عليها الموارد المالية بصفة مستمرة، مثل الخدمات الصحية والتعليمية وسد حاجة المحتاجين والعاجزين عن الكسب ومن يقصر دخلهم عن العمل وغيرهم من شرائح المجتمع ممن هم في حاجة إلى رعاية وتكافل.
السبل والوسائل لتحقيق التكافل الاجتماعي
سلك الإسلام للتكافل الاجتماعي بين الأسرة وبين الأمة وفى المجتمعات الصغيرة سبلا ووسائل، بعضها على سبيل الإلزام والوجوب كالنفقات والزكاة والكفارات والصدقات.
فالنفقة ما يقدّم من طعام وكسوة ومسكن لمن وجب له وهم الأقارب فالأسرة متكافلة متعاونة فيما بينها، فالقويّ يعين الضعيف، والغنيّ يطعم الفقير، هناك النفقة على النفس والنفقة على الأقارب كالأبوين والأولاد مهما كان التباعد ثم يأتي الأقربون، وهناك نفقة الزوجة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ألا حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن وفى هذا تفصيل مدقّق في الشريعة حسب الحالات الاجتماعية من ذلك قول الله تعالي: وان كنّ أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ واتمروا بينكم بمعروف. وإن تعاسرتم فسترضع له أخري. لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلّف الله نفسا إلا ما آتاها (الطلاق آيتان 7-6) فالطبرى بيّن أن النفقة تختلف بأحوال الزوج فى يساره وإعساره وأن نفقة المعسر أقل من نفقة الموسر.
والنفقة للأقارب لسدّ حاجة القريب ويبدأ بالأقرب ثم الأقرب. أما الزكاة فهي ما يخرجه المسلم من حقّ الله إلى الفقراء، فهي حق معلوم فرضه الله في أموال المسلمين لفائدة الفقراء والمساكين وسائر المستحقين تزكية للنفس والمال وشكرا لنعمة الله وتقرّبا إليه.
وهى أحد أركان الإسلام الخمسة قرنت بالصلاة في اثنتين وثمانين آية وقد فرضها الله فى كتابه العزيز وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع أمته قال تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها (التوبة آية 104). وقال تعالى والذين في أموالهم حقّ معلوم للسائل والمحروم (المعارج آيتان 25-24). الزكاة من أهم موارد التكافل الاجتماعي، لما فيها من ترابط بين المسلمين وتعاطفهم مع بعضهم البعض، ولها مصاريف لمن يستحقونها جاءت فى قوله تعالي: انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم (التوبة آية 60)
بيّن بن العربي أن هذا المال هو مال الله والإنسان متصرّف فيه. والأصناف المستحقة للزكاة الفقراء الذين لا يملكون قوت عامهم والمساكين الذين لا يملكون قوت يومهم. والعاملون عليها وهم جباتها والساعون في جمعها ثم تفريقها وذلك جزاء عملهم في الجهاز الادارى والمالي. والمؤلفة قلوبهم ويراد تأليف قلوبهم هم الذين كانوا دخلوا الإسلام حديثا لتقوية قلوبهم ويراد تأليف قلوبهم بالاستمالة إلى الإسلام أو التثبت عليه أو لكفّ شرهم عن المسلمين والغارمون هم المدينون الذين عجزوا عن الوفاء بديونهم ولم يكونوا قد اقترضوها إسرافا أو تبذيرا وابن السبيل وهو الذي يكون في مكان لا يجد فيه المأوى والطعام وله مال فى موطنه قد انقطع عنه فمن واجبات المجتمع المسلم أن يحفظه ويتفقّد أحواله، ويقدّم إليه يد العون والمساعدة ويجوز ما ينفق عليه دينا يؤخذ منه أن عاد إلى بلده.
إن الإزكاء علاج حقيقي للفقر، وترويض لمشاعر البخل والشحّ فليدرك المتهاونون أن عصرنا الحاضر لهو أشد العصور حاجة إلى إقامة فريضة الزكاة والتمسّك بتطبيقها حتى يشعر المجتمع الاسلامى بوجود الحياة ووحدته بين الأفراد. أما الصدقات فهى ما يعطى للفقراء والمحتاجين من المال وقد تكون الصدقة مندوبة يتصرّف بها المسلم منفردا متى يشاء أو يصرفها في أي وجه من وجوه البرّ والإحسان.
وقد تكون واجبة وهى كالزكاة التي ذكرتها سابقا والكفّارات يمكن اعتبارها من الصدقات المالية الواجبة وان كانت في الأصل جوابر للذنوب وزواجر للعباد والصدقات أنواع منها صدقة الفطر، وصدقة مناسك الحج، ويقرب منها صدقة الأضحية والصدقات الاختيارية التي يتطوّع بها الفرد تطهيرا لنفسه وتخليصها عن الذنوب والآثام فقد أخرج أبو داود مقولة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار والصدقة تكون من غير تفاخر وخيلاء، أو مَنّ وأذى فالله تعالى قال: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غنيّ حليم (البقرة 262). وجعلت الشريعة الإسلامية من سماحتها البديل للعاجزين عن الدفع وهو الصوم، وهذا دليل على تكافل الفرد مع نفسه ومع مجتمعه والكفارات أنواع منها كفارة اليمين قال تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون ألهيكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفّارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلّكم تشكرون (المائدة آية 91).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.