البخاري : نسبه ومولده ،
قوة حفظه وذاكرته ، وفاته
نسبه ومولده :
هو
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري وكلمة
بردزبه تعني بلغة بخارى "الزراع"
أسلم
جده "المغيرة" على يدي اليمان الجعفي والي بخارى وكان مجوسيا
وطلب والده إسماعيل بن إبراهيم العلم والتقى بعدد من كبار العلماء، وروى إسحاق بن
أحمد بن خلف أنه سمع البخاري يقول سمع أبي من مالك بن أنس ورأى حماد بن زيد وصافح
ابن المبارك بكلتا يديه.
ولد أبو عبد الله في يوم الجمعة الرابع من شوال سنة أربع وتسعين.
ويروى
أن محمد بن إسماعيل عمي في صغره فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل عليه السلام
فقال لها يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك أو كثرة دعائك شك البلخي
فأصبحت وقد رد الله عليه بصره.
قوة حفظه وذاكرته :
ووهب
الله للبخاري منذ طفولته قوة في الذكاء والحفظ من خلال ذاكرة قوية تحدى بها أقوى
الاختبارات التي تعرض لها في عدة مواقف.
يقول
محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك قال ألهمت حفظ الحديث وأنا
في الكتاب فقلت كم كان سنك فقال عشر سنين أو أقل ثم خرجت من الكتاب بعد العشر
فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره فقال يوما فيما كان يقرأ للناس سفيان عن أبي الزبير
عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرني فقلت له ارجع إلى
الأصل، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت:هو الزبير بن عدي عن
إبراهيم.
فأخذ
القلم مني وأحكم( أصلح) كتابه وقال: صدقت.
فقيل
للبخاري ابن كم كنت حين رددت عليه قال ابن إحدى عشرة سنة.
ولما
بلغ البخاري ست عشرة سنة كان قد حفظ كتب ابن المبارك ووكيع.
وقال
محمد بن أبي حاتم الوراق سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان كان أبو عبد الله
البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام فكنا
نقول له إنك تختلف معنا ولا تكتب فما تصنع فقال لنا يوما بعد ستة عشر يوما إنكما
قد أكثرتما على وألححتما فاعرضا على ما كتبتما فأخرجنا إليه ما كان عندنا فزاد على
خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه ثم قال
أترون أني أختلف هدرا وأضيع أيامي فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.
وقال
ابن عدي حدثني محمد بن أحمد القومسي سمعت محمد ابن خميرويه سمعت محمد بن إسماعيل
يقول أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح
قال
وسمعت أبا بكر الكلواذاني يقول ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل كان يأخذ الكتاب من
العلماء فيطلع عليه اطلاعة فيحفظ عامة أطراف الأحاديث بمرة.
دقته
واجتهاده
ظل
البخاري ستة عشر عاما يجمع الأحاديث الصحاح في دقة متناهية، وعمل دؤوب، وصبر على
البحث وتحري الصواب قلما توافرت لباحث قبله أو بعده حتى اليوم، وكان بعد كل هذا لا
يدون الحديث إلا بعد أن يغتسل ويصلي ركعتين.
يروي
أحد تلامذته أنه بات عنده ذات ليلة فأحصى عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها
في ليلة ثمان عشرة مرة.
وقال
محمد بن أبي حاتم الوراق كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا
في القيظ أحيانا فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة في كل
ذلك يأخذ القداحة فيوري نارا ويسرج ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها.
وروي
عن البخاري أنه قال: لم تكن كتابتي للحديث كما كتب هؤلاء كنت إذا كتبت عن رجل
سألته عن اسمه وكنيته ونسبته وحمله الحديث إن كان الرجل فهما، فإن لم يكن سألته أن
يخرج إلي أصله ونسخته فأما الآخرون لا يبالون ما يكتبون وكيف يكتبون.
وكان
العباس الدوري يقول: ما رأيت أحدا يحسن طلب الحديث مثل محمد بن إسماعيل كان لا يدع
أصلا ولا فرعا إلا قلعه ثم قال لنا لا تدعوا من كلامه شيئا إلا كتبتموه.
وفاة البخاري :
توفي
البخاري ـ رحمه الله ـ ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين وقد بلغ اثنتين وستين سنة،
وروي في قصة وفاته عدة روايات منها:
قال
محمد بن أبي حاتم سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله
يقول: إنه أقام عندنا أياما فمرض واشتد به المرض، فلما وافى تهيأ للركوب فلبس خفيه
وتعمم فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده ورجل آخذ معي يقوده إلى
الدابة ليركبها فقال رحمه الله أرسلوني فقد ضعفت فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى رحمه
الله فسال منه العرق شيء لا يوصف فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه وكان
فيما قال لنا وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة
ففعلنا ذلك فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك فدام ذلك أياما
ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناس يختلفون ويتعجبون وأما
التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر حتى ظهر القبر ولم نكن نقدر على حفظ القبر
بالحراس وغلبنا على أنفسنا فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن أحد يقدر على
الوصول إلى القبر فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب ولم يكونوا يخلصون إلى
القبر وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا من ذلك
وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته وخرج بعض مخالفيه إلى قبره وأظهروا التوبة
والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب قال محمد بن أبي حاتم ولم يعش أبو
منصور غالب بن جبريل بعده إلا القليل وأوصى أن يدفن إلى جنبه.
وقال
محمد بن محمد بن مكي الجرجاني سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي يقول رأيت النبي
صلى الله عليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع فسلمت عليه
فرد علي السلام فقلت ما وقوفك يا رسول الله قال أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري
فلما كان بعد أيام بلغني موته فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي صلى
الله عليه وسلم فيها.
رحم
الله الإمام البخاري رحمة واسعة وجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين وعن حديث
رسول الله (صلى الله عليه وسلم (
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire