أعلان الهيدر

حرمة النفس البشريّة


حرمة النفس البشريّة
حرمة النفس البشريّة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ومن اقتفى أثرهم وسار على دربهم إلى يوم الدين أما بعد :-
لقد أكرم الله البشرية برسالة سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – حيث  جاء الإسلام ليعلى قدر الإنسان، ويرفع من شأنه، ويؤكد على سيادته للكون ، قال تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) ، كما جاء الإسلام ليوقظ العقل الإنساني ويحيى الفطرة البشرية ويأخذ بيد الإنسان إلى حيث القيمة والقمة والعزة والرفعة ، فقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالإنسان اهتماماً منقطع النظير فخصته بالرعاية والتكريم في جميع أطوار حياته ، ووضعت له من الأسس والقواعد التي تنظم حياته من المهد إلى اللحد .
وتكريم الله للإنسان واضح في النصوص القرآنية  حين نفخ الله سبحانه وتعالى في الإنسان من روحه، وأسجد له ملائكته، قال تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين) ، وحين خلقه في أحسن صورة ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ،  وحين اختاره خليفة في الأرض ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) ، فكل ما في الكون مسخر لخدمة الإنسان (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) .
لذلك فعناية الإسلام بالإنسان تبدأ قبل ولادته حيث بين الإسلام بضرورة اختيار الأم، وتستمر هذه الرعاية وهو جنين، وبعد ولادته حتى يموت، فالإسلام كرم الإنسان حياً وميتاً.وقد أخرج الإمام أبو داود (أن رجلاً من هذيل كان متزوجاً من اثنتين فتشاجرتا فضربت إحداهما الأخرى بعمود فقتلتها وجنينها فتقاضوا إلى النبي –عليه السلام- فقال أحد الجالسين (وأظنه ولي أمرها) (كيف ندي من لا صاح واستهل ولا أكل ولا شرب) فقال عليه السلام: (أسجع كسجع الأعراب وقضى في الجنين بغرة، وجعل دية المرأة على عاقلتها) .
وتلك نظرة الإسلام للإنسان وهو ما زال جنيناً حيث قضى الرسول عليه السلام للجنين بغرة وجعل دية المرأة على عاقلتها، وقد جاء في خطبة الوداع المشهورة "أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا من عامكم هذا إلى يوم القيامة"  لأن المسلم لا يقتل أخاه المسلم عمداً ، ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً"  ، والمؤمن الذي يقتل أخاه متعمداً فلا حظ له في هذا الدين.من هنا كان جزاء القتل في الإسلام جزاء وخيماً قاسياً، ومن أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة قال "أق" ولم يقل ""أقتل" فقد حرم الله عليه الجنة إلا إذا تاب الله عليه وأكرمه ومن هنا جاءت الآية القرآنية "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً" .
لذلك فإن قتل الإنسان المؤمن ظلماً وعدواناً جريمة كبرى في نظر الإسلام وفي شهر سبتمبر /2003م سمعنا عن الحادثة البشعة التي تقشعر لها الأبدان والتي حدثت بدم بارد ذهب ضحيتها الفتاة ذات الخمسة عشر ربيعا بنت معسكر الشاطيء بغزة ميادة أبو لمضي، حيث قامت عصابة شريرة، كلاب ضالة لا تعرف الله، بخطفها، وفعلوا فعلتهم المشينة بها، ومن ثم قتلوها وألقوها في حاوية القمامة ،وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما أن الرسولr قال "لا يحل  دم  امرئ مسلم  إلا بإحدى ثلاث " النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة" ،هذا وقد مات أبوها حسرة عليها،  ولكن الله يمهل ولا يهمل حيث إنه قبل أسبوعين تم كشف النقاب عن هذه العصابة.  إن هذه الجريمة فتنة كبيرة، كما أننا رأينا حوادث قتل تحدث في بلادنا بين الفينة والأخرى، هذا يختلف مع جاره على أولاد صغار، وهذا يختلف مع قرينه على قطعة أرض، على أمر تافه، يُقتل الرجال، وترمل النساء، وييتم الأطفال، إن الذين يشعلون تلك النار لا بد أن يأخذوا جزاءهم، حتى يعيش المجتمع في أمان، تلك الرؤوس الخبيثة التي توقظ الفتنة بين الحين والحين وتشعل النار في القلوب، لا بد لهذه الرؤوس أن تقطع كي يعيش الناس في أمان وسلام واطمئنان.
إننا نستنكر تلك الجريمة وكل الجرائم التي يذهب ضحيتها الأبرياء والشرفاء من أبناء شعبنا الحبيب، ولا يصح في الوقت نفسه أن نحمل الأمور فوق الطاقة، يعني أن جزاء القاتل القتل، فما ذنب أبيه؟ وذنب أخيه؟ لذلك حرم الإسلام عادة الأخذ بالثأر وبين أن ولي الأمر هو الذي يقوم بذلك لأن الناس إذا تركوا على بعضهم البعض عمت الفوضى وانتشر الفساد وعاش الناس في هرج ومرج، لكن ولي الأمر هو الذي يقوم بذلك، والإسلام يساوي بين الناس، ولا يتأثر بفعل أو برد فعل، كما ورد في الصحيح عن الرسول r "أن امرأة مخزومية أي من بني مخزوم، وهي من القبائل العظيمة التي ينتمي إليها خالد بن الوليد رضي الله عنه، هذه المرأة المخزومية سرقت في عهد الرسول r وحد السارق في الإسلام قطع اليد.
هنا عم الاستغراب، كيف يقام عليها الحد وهي من عائلة كبيرة وعريقة!! الحد يقام على الفقراء والمساكين والذين لا ظهر لهم، أما الإنسان المسنود فيجب أن يعيش في برج عال لا يستطيع أحد الوصول إليه، هذا كلام خطأ فالناس سواسية القوى والضعيف والغني والفقير.وعندما أراد الرسول r أن يقيم الحد على المرأة المخزومية بعث قومها أسامة بن زيد رضي الله عنه وعن أبيه وعن أصحاب رسول الله أجمعين وهو حب رسول اللهr كي يشفع في الأمر، فغضب النبي r وقال " يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"، حاشا لفاطمة الزهراء أن تسرق لكنها العدالة التي أراد النبيr أن يرسي قواعدها، فالناس سواسية كأسنان المشط، القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه، والضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له.    تلك هي الأسس التي أرسى قواعدها الإسلام حتى يعيش المجتمع في أمن وأمان.
    لا بد أن نقول للمخطئ أنت مخطئ وللمصيب أنت مصيب، من هنا فإن هذه الجريمة ليست الأولى،  لا بد أن ينفذ حكم الله، حكم الشرع حتى يعيش الناس في أمان وسلام واطمئنان "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون" .
     والرسول r يقول في الحديث (من أصابه دم أو خبل فهو بالخيار في إحدى ثلاث أما القصاص وأما العقل وأما العفو فمن أراد رابعاً فاضربوا على يديه) ، ثم تلا قوله تعالى "فمن اعتدي بعد ذلك فله عذاب أليم" .   ما أحوج شعبنا الفلسطيني في هذه الأيام إلى رص الصفوف ، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة .
   ما أحوجنا ونحن نرى ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من قتل وتشريد في المحافظة الوسطى بالقطاع وفي كل محافظات الوطن حيث يسقط الشهداء والجرحى .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.