انتاج كتابي حول المرض
جدّي رجل قويّ البنية، يحافظ على صحّته بالرّغم
من أنّه يعاني من مرض مزمن لكنّه لا يتوانى في أخذ دواءه في الوقت و لا يتناول إلاّ الأكلات الصحّية. أحبّه حبّا جمّا كما أنّي
معجب به و بنشاطه أشدّ الإعجاب. فبعد أن إحاله على التّقاعد، أصبح يعمل طوال النّهار
في الحقل ثمّ يعود مع غروب الشّمس. و كان إن مرض مرضا خفيفا يعالج نفسه بالأعشاب. إلاّ
أنّه في يوم من الأيّام، و على غير عادته عاد إلى المنزل قبل الزّوال مصفرّ الوجه،
جبينه يتصبّب عرقاو لزم الفراش بعد أن كان لا يعرف الرّاحة و الجلوس إلاّ في فترات الوجبات الغذائيّة و عند النّوم.
دخلت غرفته فوجدته يئنّ و يتألّم. لقد صار
وجهه المشرق شاحبا و عيناه غائرتين. اقتربت منه فلاحظت ضعفه و سمعت سعاله الّذي لا
ينقطع. فأخذت أواسيه و أخفّف عنه. وضعت يدي على جبينه و صحت دون وعي منّي: ما هذا ؟
جبينك يشتعل نارا ! و أعدت الكرّة واضعا يدي هذه المرّة على وجهه قثمّ على رقبته و
صحت: الحمّى قد أخذت منك مأخذا عظيما يا جدّى !
عندما سمعني أبي و رأى جدّي متعبا، قد غيّره
المرض كما يغيّر الخريف أراق الشّجر، أخذ الهاتف و اتّصل بالطّبيب و رجاخه أن يأتي
على الفور.
جاء الطّبيب . و ما أن دخل إلى الغرفة حتّى
نظر إلى جدّي و استنتج أنّ جدّي ينقصه الأكسجين. و توجّه إليه سائلا: هل تشعر بدوّار
في رأسك من حين لآخر ؟ فحرّك جدّي رأسه. عندها فتح الطّبيب حقيبته و أخرج منها سمّاعة
تسمّع بها بنبضات قلبه، ثمّ قاس ضغط دمه فوجده مرتفعا بعض الشّيء. عندها صرّح لنا بأنّ
نبضه ضعيف بسبب نزلهة برد قوّية تغلّبت على جسده. و بعد ذلك أمدّنا بوصفة للأدوية اللاّزمة.
واضب جدّي على استعمالها كما أمر الطّبيب.
وفي خلال أسبوعين تماثل جدّي إلى الشّفاء.
حمد جدّي الله قائلا : حقّا إنّ العلم نور
و الجهل مصيبة و أضاف مردّدا : لقد صدق من قال أنّ الصحّة تاج على رؤوس الأصحّاء، لا يراها إلاّ المرضى
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire